|
المحبة والتأخى فى الحولية من الآيات الباهرة فى اللقاء السنوى الذى يجمع الإخوان فى حولية الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى رضى الله عنه هو اتساع المكان لهذه الجموع الغفيرة رغم أن المساحة المخصصة لهذا اللقاء لا تزيد على ألفى متر مربع وما أضيق المقام فى غير أيام الحولية ويذكرنا هذا بقولهم فى منى: إن منى تتسع بالحاج كما يتسع الرحم بالولد وما أضيقها فى غير أيام الحج. وما كان هذا إلا للمحبة التى تربط هذا الجمع المبارك برباط قوى وكما قيل إن شبراً من الأرض يسع المتحابين والدنيا بأسرها لا تسع المتباغضين {لو أنفقت ما فى الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم} والآية الثانية هى السكينة التى تغشى هذا الجمع فقلَّما اجتمعت مثل هذه الجموع إلا وسادت الضوضاء والهرج والمرج ولكن هذا الجمع تعمُّه سكينة لما عمَّهم الله تعالى به من رضوانه: يُنزِلُ الله السكينةَ فى قلوبٍ يصطفيهم بالعطايا خالصينا والآية الثالثة هى النظام الذى يسود هذا الجمع فلا يخرج الأمر عن الضبط وقد شهد بهذا كثير من رجال الأمن الذين يحضرون الحولية وما هذا إلا لأن القائمين على الخدمة إنما أرادوا بها وجه الله تعالى فوَّفقهم الله تعالى للعناية بهذه الجموع فى غير عسر أو مشقَّة. ويتم هذا اللقاء السنوى المبارك تحت راية الشيخ إبراهيم رضى الله عنه تحقيقاً لقوله رضى الله عنه: وذا بُنى الذى تـمَّـت عطيَّته قد اصطفيناه من صـافى عطيَّتنا ليجمع الشمل إمداداً ومرحمـةً ويحـملُ الكـَـلَّ ممدوداً بهمتنا ويصبح الكلُّ حشداً تحت رايته بلا جفـاءٍ لمن يسعى بذمّـَـتنا وقد رأينا من وحى هذه اللحظات المباركة التى يجتمع فيها شمل الإخوان أن نتعرَّض لموضوع المحبة التى جمعت هؤلاء الإخوان، وقد التقينا بنفر من الإخوان الذين صحبوا الشيخ زمنا طويلا؛ منهم الشيخ سيد احمد قرافى والشيخ على صبرى والمقدَّم محمد خيرلنقف منهم على ما قاله الشيخ فى المحبة، وقد كانت ثمرة لقائنا معهم هذه الأسطر. قال الشيخ رضى الله عنه:الطريقة فى الأصل مبنية على المحبة، وقد عمَّت الطريقة أنحاء الدنيا بفضل محبة الإخوان للشيخ ومحبَّة الشيخ للإخوان ومحبَّة الإخوان لبعضهم. وترى فى الطريقة البرهانية الإخوان من البلدان والشعوب التى بينها عداء يصيرون أخوة متحابين متصافين فى الله تعالى. وقد بيَّن الشيخ أنَّ الإحسان هو أوَّل طريق المحبة تصديقاً لقوله رضى الله عنه: جُبلت القلوب على حبِّ من أحسن إليها. وقد كان نهجه رضى الله عنه أن يبدأ المريد بالإحسان وقد كان كثيرٌ من الملحدين يأتون لمجادلة الشيخ فى الدين وكانوا يصرِّحون له بأنهم ملحدون ولكنه رغم هذا كان يبادرهم بقوله: مرحبا مرحبا ويطلب منهم الجلوس بجانبه ويجادلهم بالحسنى حتى أحبَّه كثير منهم وكانت محبتهم له بابا دخلوا منه إلى الطريقة البرهانية وصلح أمرهم وصاروا من الذين ينتفع بهم.وقد كان هؤلاء كثيرا ما تكون لديه تجارب سابقة فى الجدل مع بعض الفقهاء فكان بعضهم يطردهم ويرفض أن يجادلهم إذا علم أنهم ملحدون وكان البعض الآخر يجادلهم ثم ينتهى الأمر بمشاجرة وقد رأوا فى نهج الشيخ نهجاً مختلفاً وآنسوا فيه لين الجانب وحسن الخلق والحلم. وقد كان الشيخ رضى الله عنه رغم تولِّيه مشيخة الطريقة وانشغاله الدائم بأمورها مثالا للأخ الصالح فى نفسه فكان لا يتخلَّف قط عن دعوة يدعى إليها مهما كان مكانها بعيداً وكان يعود المرضى من الإخوان ويتولَّى علاجهم بنفسه، وكان يتفقَّد المحتاجين من أبناء الطريقة ويعينهم، ويساعد كلَّ من يقصده فى حاجة ومن خلق الشيخ أنه كان لا يحتجب عن أحدٍ حتى فى حالة المرض الشديد وكان كثيرا ما ينتابه مرض الربو أو الأزمة ولكنه يجلس فى كرسيِّه فى صالون بيته حتى إذا رأى أحد الإخوان داخلاً زالت عنه كلُّ أعراض المرض واستبشر وجلس يحادثه حتى ينصرف الزائر فإذا انصرف الزائر عاودته أعراض المرض، وهذا عكس ما يفعله كثير من الناس يدَّعون المرض حتى يتخلَّصوا من الزائر وليس بهم شيء. لا بدَّ لكلِّ مؤمنٍ من أخ صالح، يحضُّه على الخير ويعينه فى الشدة، وقد قال الإمام على كرَّم الله وجهه: الرفيق قبل الطريق، وقال الشاعر: أخاك أخاك إنَّ من لا أخا له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح وعلى المريد أن يستكثر من إخوان الصدق: وليس كثيراً ألفُ خلٍّ وصاحبٍ وإنَّ عدوَّاً واحـداً لكـثيرُ وقال رضى الله عنه: بَنى كفوا فما كفران نعمتنا يفيدكم والتآخى شكر نعمتنا وقال بعض الحكماء: ما نالتِ النفسُ على بُغيةٍ ألذَّ من ودِّ صديقٍ أميـنْ من فاته ودُّ أخٍ صــالحٍ فذلك المقطوعُ منهُ الوتينْ |
|
||
|
o إسلام |
|||
|
o تصوف |
|||
|
o مولانا |
|||
|
o الحولية |
|||
|
الجديد |
|||
|
• المكتبة |
|||
|
• اتصل بنا |
|||
